توصيل اللقاحات المنقذة للحياة لكل فرد في كل مكان

25 شباط/فبراير 2017

الدكتورة مارغريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية،
كريس الياس، رئيس برنامج التنمية العالمية في مؤسسة بيل ومليندا غيتس،
أنتوني فوسي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية،
أنتوني ليك، المدير التنفيذي لليونيسيف،
سيث بركلي، رئيس المديرين التنفيذيين في التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع

في عام 2015، وافق قادة العالم على خطة إنمائية جديدة - مجموعة أهداف التنمية المستدامة. ويعتبر توسيع نطاق الحصول على التمنيع ضرورياً لتحقيق الهدفين 1 و2 من أهداف التنمية المستدامة. فالتمنيع لا يقي فحسب من المعاناة والوفيات المصاحبة للأمراض المعدية مثل الالتهاب الرئوي والإسهال والسعال الديكي والحصبة وشلل الأطفال، وإنما يساعد أيضاً في تمكين الأولويات الوطنية مثل التعليم والتنمية الاقتصادية من أن تتبوأ مكانها.

تعتبر القيمة الفريدة للقاحات بمثابة القوة الدافعة وراء عقد اللقاحات، ذلك الجهد الذي تم أطلاقه في المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2010 بمساعدة العديد من أصحاب المصلحة المعنيين بتوسيع نطاق الفوائد الكاملة للتمنيع لتصل للجميع بحلول 2020. وقد رحبت الحكومات بالمبادرة، وقام 194 دولة عضواً باعتماد خطة العمل العالمية للقاحات في جمعية الصحة العالمية في دورتها الخامسة والستين. وهي خطة طموحة تهدف إلى ضمان خلو جميع الناس في كل مكان من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.

ومنذ ذلك الحين، يحرص فريق الخبراء الاستشاري الاستراتيجي لمنظمة الصحة العالمية المعني بالتمنيع على إصدار تقارير مرحلية سنوية. ويقدم تقرير منتصف المدة للتحالف العالمي بشأن اللقاحات والتمنيع لعام 2016 تحليلاً مستفيضاً للتقدم المحرز والتحديات الماثلة، ويشير إلى أنه على الرغم من وجود نقاط مضيئة في جهود التطعيم العالمية، فإن الصورة العامة لا تزال شاحبة. 

أولا، النقاط المضيئة. يجري الآن تمنيع المزيد من الأطفال في جميع أنحاء العالم أكثر من أي وقت مضى لنصل إلى أعلى مستوى من التغطية الروتينية في التاريخ (كما تقاس بمعدل التغطية بثلاث جرعات من اللقاح الثلاثي المضاد للدفتيريا والكزاز والسعال الديكي. وأصبح العالم على شفا استئصال شلل الأطفال أكثر من أي وقت مضى. ومنذ عام 2010، قام 99 بلداً من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل بإدخال لقاح واحد أو أكثر من اللقاحات الجديدة أو غير المستخدمة بشكل كاف، على سبيل المثال، الفيروس العجلية واللقاحات المضادة للمكورات الرئوية لتتجاوز أهداف التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع لعام 2015. وتم التخلص من الحصبة الواطنة والحصبة الألمانية في الأمريكتين، وتم القضاء على كزاز الأمهات والمواليد في جنوب شرق آسيا.

تم إحراز تقدم مهم في مجال بحوث اللقاحات وتطويرها؛ وتم الترخيص بلقاح جديد مضاد لحمى الضنك في العديد من البلدان. وسيتم اختبار أول لقاح لحماية الأطفال من الملاريا في ثلاث بلدان أفريقية في عام 2018. وشهد العامان الماضيان زيادة في عدد اللقاحات قيد التطوير السريري.

"مثل التمنيع حجر الزاوية للأمن الصحي العالمي في ظل عالم مترابط حيث لا تقف الأمراض عند حدود وطنية"

الدكتورة مارغريت تشان، لمنظمة الصحة العالمية
كريس الياس، مؤسسة بيل ومليندا غيتس
أنتوني فوسي، المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية
أنتوني ليك، يونيسيف،
سيث بركلي، التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع

ويكشف كذلك تقرير منتصف المدة للتحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع اتجاهات وطنية وإقليمية مشجعة في مجال التغطية باللقاحات. وعلى سبيل المثل منذ عام 2010، سعى 16 بلداً إلى زيادة معدل التغطية بالجرعة الثالثة من لقاحات الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي، مؤكدا على إحراز تقدم في التمنيع من خلال القيادة المحلية القوية، والاستثمارات الهادفة، وآليات المساءلة الفعالة.

ومع ذلك لا يزال أمامنا تحديات كبيرة. فجميع أهداف التحالف العالمي بشأن التمنيع واللقاحات المتعلقة بالقضاء على الأمراض، بما فيها الحصبة والحصبة الألمانية، وكزاز الأم والوليد تأخرت عن الموعد المحدد. وعلى الرغم من أن عدد الرضع الذين يحصلون على الجرعة الثالثة الحاسمة من لقاح الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي كان أكثر من أي وقت مضى، فقد زادت التغطية العالمية بهذه اللقاحات الأساسية بنسبة 1% فقط منذ عام 2010 . وهذا التقدم البطيء يجعل واحدة من أهم أهداف التحالف العالمي بشأن اللقاحات والتمنيع تحيد عن مسارها.

وعلى الرغم من تقلص عدم المساواة في تنفيذ برامج التمنيع في العقد الماضي حيث حصل الناس الأكثر فقرا والأقل تعليما على المزيد من التغطية، لا يزال هناك بعض الثغرات. فلم يتجاوز سوى 52 دولة من الدول الأعضاء البالغ عددها 112 والتي يتوافر لديها بيانات صحيحة على مستوى المناطق، هدف التغطية المطلوب على مستوى المناطق والذي يبلغ 80%. وينبغي إعطاء أولوية كبيرة لمد نطاق التغطية العادلة للجميع. وأخيرا، فعلى الرغم من زيادة الدعم المالي والتزام الجهات المانحة والبلدان، وهو ما يعكس التزاماً عالمياَ بالتمنيع لم تكن الزيادة كافية لتوفير جميع الاحتياجات اللازمة لتحقيق أهداف التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع. 

وفي كل بلد تقريبا، تكون فرص حصول بعض فئات السكان على اللقاح محدودة. وتشمل هذه الفئات من يعيشون في فقر، ومن يعيشون في المناطق الريفية النائية، وشرائح من الفقراء والنازحين والرحل الذين يعيشون في المناطق الحضرية. وتتفاقم هذه المشكلة بسبب نقص البيانات على المستويات الوطنية والمحلية، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة لتحديد أين تكمن الثغرات ومسبباتها، وبالتالي اتخاذ إجراءات تصويبية. وقد أبلغ العديد من البلدان كذلك أن أسعار اللقاحات تقف حائلاً دون إدخال اللقاحات في برامجها الوطنية.

ولا يزال العديد من المرافق الصحية يعاني من عدم كفاية الموارد للتعامل مع المجتمعات المحلية وتوفير خدمات الصحة العمومية الشاملة التي يحتاجون إليها. وقد أدى الفشل في إدماج آليات تقديم الخدمات إلى الحد من الفرص المتاحة أمام العاملين الصحيين لتحسين التغطية بالتمنيع وغيرها من التدخلات الرئيسية اللازمة لتحسين صحة الناس. وقد أدى الصراع وطوارئ الصحة العمومية من قبيل فاشيات مرض فيروس الايبولا وفيروس زيكا، وفاشيات الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الحصبة، والحمى الصفراء، والكوليرا، إلى إجهاد النظم الصحية الهشة. 

وأخيرا، فإن الاستثمارات المحلية غير الكافية واستمرار الاعتماد على المانحين في العديد من البلدان المنخفضة الدخل والبدان المتوسطة الدخل تثير مخاوف حول الاستدامة العالمية لبرامج التمنيع على المدى الطويل، وبخاصة مع تباطؤ تمويل برنامج شلل الأطفال وتحول البلدان عن الدعم الذي كانت تتلقاه من التحالف العالمي بشأن التمنيع واللقاحات.

إلى أين نذهب من هنا؟ أولا، يجب على المجتمع الصحي العالمي مواصلة العمل على توفير جميع اللقاحات الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية إلى كل طفل من خلال زيادة الجهود الرامية إلى توسيع نطاق التمنيع الكامل ليصل إلى حوالي 19 مليون طفل ممن لم يحصلوا على حماية كاملة ضد مجموعة أساسية من الأمراض التي يمكن توقيها باللقاحات. ولا بد من تكثيف الجهود لبناء نظم التمنيع الروتينية القوية التي توازن بين العرض والطلب.

ويعتبر التمنيع الروتيني بمثابة اللبنة الأساسية للرعاية الصحية الأولية القوية والتغطية الصحية الشاملة. فهو يوفر نقطة اتصال للحصول على الرعاية الصحية في بداية العمر، ويقدم لكل طفل فرصة لحياة صحية منذ البداية. فالتمنيع هو حجر الزاوية للأمن الصحي العالمي في عالم مترابط لا تحترم فيه الأمراض الحدود الوطنية. وتمثل اللقاحات الدفاع في الخطوط الأمامية ضد مقاومة مضادات الميكروبات. وعلاوة على ذلك، أظهرت دراسة أجريت في 2016 أن العائد من الاستثمار من كل دولار ينفق على التمنيع في مرحلة الطفولة يصل إلى 44 دولاراً أمريكياً عند النظر إلى كامل نطاق الفوائد الاقتصادية مما يجعل التطعيم واحداً من أكثر التدخلات الصحية فعالية من حيث التكلفة. 

وبالإضافة إلى تحديات التنفيذ، فإننا لا نزال نواجه تحديات كبيرة في إجراء البحوث. فاللقاحات المضادة للكثير من الأمراض الخطيرة المعدية التي تتسبب في عبء جسيم للعالم أجمع تكاد تكون منعدمة أو دون المستوى. ولمعالجة هذه المشكلة، فمن الضروري التأكد من أن أسواق القاح توفر الحوافز المناسبة للاستثمار في البحث والتطوير لهذه اللقاحات، وتوسيع نطاق القدرة على البحث والتطوير في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.

ويجب على مجتمع الصحة العالمي العمل معا لتحقيق التقدم. وعلى الرغم من أن الحكومات هي الجهة الرئيسية التي تتولى توفير التمنيع، يعتمد نجاح التحالف العالمي بشأن اللقاحات والتمنيع على العديد من أصحاب المصلحة، والأسر، والمجتمعات المحلية، والمهنيين الصحيين، والمجتمع المدني، والشركاء في التنمية، والوكالات العالمية، والشركات المصنعة، ووسائل الإعلام، والقطاع الخاص. ومن الضروري أن تبدي الحكومة قيادة قوية وحكمة في تصريف شؤون برامج التمنيع الوطنية والتي تنطوي على تعزيز نظام تحديد الأولويات، وتأمين الاستثمارات، وتحسين القدرة على الترصد وجودة البيانات وطرق استخدامها. وستساعد المنظمات التي تقدم برامج التمنيع، والشركاء في مجال البحث والتطوير، فضلا عن الوكالات العالمية في تحسين مساءلة التحالف العالمي بشأن اللقاحات والتمنيع، والعمل على التغلب على العوائق التي تحول دون توفير اللقاحات في الوقت المناسب في الأزمات الإنسانية، ودعم البحث والتطوير في مجال اللقاحات في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.

ويمثل تحقيق الأهداف والوفاء بوعود التحالف العالمي بشأن اللقاحات والتمنيع أولوية ملحة وضرورية. فهو يساعد في تحسين صحة ورفاة الناس في كل مكان ويساعدنا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفي نهاية المطاف تحقيق عالم لا يخلف أحداً وراءه سواء طفل أو مراهق أو بالغ وإننا في عام 2017، نطالب بلدانا ومنظمتنا ببذل المزيد من الجهد.


 

المؤلفون

Dr Margaret Chan

Former Director-General of WHO
منظمة الصحة العالمية

Chris Elias

رئيس برنامج التنمية العالمية في مؤسسة بيل ومليندا غيتس
مؤسسة بيل ومليندا غيتس

Anthony Fauci

مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية
المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية

Anthony Lake

المدير التنفيذي
يونيسيف

Seth Berkley

رئيس المديرين التنفيذيين في
التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع

مختارات