حقائق أساسية
- يمثل التثقيف الصحّي المعارف والكفاءات الشخصية التي تتراكم من خلال مزاولة الأنشطة اليومية والتفاعلات الاجتماعية وعبر الأجيال.
- تؤدي الهياكل التنظيمية والموارد المتوفرة دوراً أساسياً في توفير التثقيف الصحّي بما يمكّن الناس من الحصول على المعلومات والخدمات وفهمها وتقييمها واستخدامها بطرق تعزّز وتصون تمتّعهم ومن حولهم بقدر جيد من الصحّة والعافية – وهو ما يُسمى غالباً بالتثقيف الصحّي التنظيمي.
- التثقيف الصحّي في الولايات المتحدة الأمريكية، مثلاً، هو مؤشر على حالة الفرد الصحّية أقوى من مؤشرات دخله ووضعه الوظيفي ومستوى تعليمه وانتمائه إلى مجموعة عرقية أو إثنية ما (1).
- يوجد الكثير من الأطفال والمراهقين والبالغين الذين يتمتّعون بمهارات محدودة في مجال التثقيف الصحّي حتى بالبلدان المتقدمة اقتصادياً في أوروبا (2).
- وفقاً لما يرد في مسوح أُجريت في إقليم المنظّمة الأوروبي، فإن تثقيف السكان صحّياً مُصنّف بحسب شرائح المجتمع ويمكن أن يتسبب في تفاقم أوجه الإجحاف القائمة (2).
- التثقيف الصحّي من محدّدات الصحّة.
نظرة عامّة
يُقصد بتعبير الثقيف الصحّي التمكّن من الحصول على المعلومات والخدمات وفهمها وتقييمها واستخدامها بطرق تعزّز وتصون التمتّع بقدر جيد من الصحّة والعافية.
ولا يعني التثقيف الصحّي القدرة على الوصول إلى مواقع الويب وقراءة الكتيبات واتباع السلوكيات المُوصى بها بشأن السعي إلى الحصول على الخدمات الصحّية فحسب، بل يشمل القدرة على التفكير الناقد، وكذلك على التفاعل والتعبير عن الاحتياجات الشخصية والمجتمعية اللازمة لتعزيز الصحّة.
وتعرف منظّمة الصحّة العالميّة (المنظّمة) التثقيف الصحّي على أنه "ممثل في المعارف والكفاءات الشخصية التي تتراكم من خلال مزاولة الأنشطة اليومية والتفاعلات الاجتماعية وعبر الأجيال. وهي معارف وكفاءات تؤدي الهياكل التنظيمية والموارد المتوفرة دوراً أساسياً في اكتسابها بما يمكّن الناس من الحصول على المعلومات والخدمات وفهمها وتقييمها واستخدامها بطرق تعزّز وتصون تمتّعهم ومن حولهم بقدر جيد من الصحّة والعافية."
ما سبب أهمية تحسين التثقيف الصحّي؟
يتطلب التثقيف الصحّي إتاحة شاملة ومنصفة لقدر جيد من التعليم ومهارات التعلّم المكتسبة طوال العمر. ويوجد طائفة واسعة من العوامل الاجتماعية التي تسهم في تشكيل الثقيف الصحّي، وبالتالي فإن مسؤولية اكتساب مهارات التثقيف الصحّي وصونها لا تقع على عاتق الأفراد لوحدهم. عليه ينبغي أن تقوم جميع الجهات المعنية بتقديم المعلومات، بما فيها الحكومات وفئات المجتمع المدني والخدمات الصحّية، بتوفير إمكانية إتاحة معلومات موثوقة في شكل مفهوم وقابل للتطبيق لجميع الناس. وتشمل هذه الموارد الاجتماعية اللازمة للتثقيف الصحّي تنظيم الأوساط الإعلامية ووسائلها (الشفوية والمطبوعة والإذاعية والرقمية) التي تُتاح بواسطتها للناس سبل الحصول على المعلومات الصحّية والاستفادة منها.
وبفضل تحسين سبل حصول الناس على معلومات صحّية مفهومة وموثوقة وتمكينهم من الاستفادة منها بفعالية، فإن التثقيف الصحّي يؤدي دوراً حاسم الأهمية في تمكين الناس من اتخاذ قرارات بشأن صحتهم شخصياً ومن إشراكهم في الإجراءات الجماعية لتعزيز الصحّة لمعالجة محدّدات الصحّة.
الفوائد الاجتماعية المجنية من رفع معدلات التثقيف الصحّي
يؤدي تحسين التثقيف الصحّي بين فئات السكان إلى إرساء أساس يمكّن المواطنين من القيام بما يلي:
- أداء دور ناشط في تحسين صحتهم
- الانخراط بنجاح في العمل مع المجتمع من أجل الصحّة
- مساءلة الحكومات عن معالجة المشاكل الصحّية والإنصاف في مجال الصحّة.
ويمكن أن تؤدي تلبية احتياجات المجتمعات الأشد حرماناً وتهميشاً من التثقيف الصحّي إلى تسريع وتيرة إحراز التقدم في تقليص أوجه الإجحاف في مجال الصحّة وغيرها من المجالات. ولن يُستغنى عن بذل جهود رامية إلى الارتقاء بمستوى التثقيف الصحّي لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030. كما لن يُستغنى عن إحداث تحول في النُظم الصحّية لتوفير رعاية جيدة ومنصفة تركّز على الناس.
التثقيف الصحّي وأوجه الإجحاف القائمة
يرتبط التثقيف الصحّي بالعمر والجنس والتحصيل التعليمي والدخل والمهنة والفقر ووضع الأقليات العرقية/ الإثنية والمهارات الثقافية واللغوية ومعدلات التغطية بالتأمين الصحّي والحالات الصحّية المبلغ عنها ذاتياً. وتوجد اختلافات في صفوف المجموعات والأوساط السكانية وفيما بينها. ويمكن أن تؤثر هذه الاختلافات المُعزّزة بأوجه التفاوت على ما إذا كان بإمكان الناس تطوير مهاراتهم في مجال التثقيف الصحّي والاستفادة منها بسهولة، وما إذا كان بإمكانهم الحصول على معلومات وخدمات جيدة وموثوقة. ومن الضروري مراعاة أوجه التفاوت هذه عند وضع السياسات الصحّية وتخصيص الموارد. فحتى الأشخاص القادرين على القراءة بمستوى جيد والتعامل بسهولة مع الأرقام يمكن أن يواجهوا صعوبات في مجال التثقيف الصحّي في الحالات التالية:
- إذا لم يكونوا ملمّين بالمصطلحات الطبية أو بكيفية أداء أجسامهم لوظائفها؛
- أو إذا وجب عليهم تفسير الإحصاءات وتقييم المخاطر والفوائد التي تؤثر على صحتهم وسلامتهم؛
- أو إذا شُخصت حالتهم على أنهم مصابون بمرض خطير وراودهم شعور بالخوف والارتباك؛
- أو إذا تعرضوا لضغوط واضطروا إلى اتخاذ قرارات صحّية هامة؛
- أو إذا كانوا مصابين بحالات صحّية تتطلب رعاية ذاتية معقدة؛
- أو إذا كانوا يصوتون لقضية تؤثر على صحّة المجتمع ويعتمدون على معلومات تقنية غير مألوفة يمكن أن تزيد من تفاقم المشاكل المتعلّقة بالمساواة بين الجنسين والإنصاف في مجال الصحّة.
وتسهم هذه العوامل في جعل التثقيف الصحّي واحداً من المحدّدات الهامة للصحّة والسلوكيات الصحّية. وقد ظهرت في الوقت نفسه محدّدات جديدة للصحّة تهدد بتوسيع الفجوة في مجال انعدام الإنصاف، ومن بينها مثلاً المحدّدات الرقمية والتجارية للصحّة.
تحسين التثقيف الصحّي
يُوصَى بتطبيق استراتيجيات وتنفيذ تدخّلات رامية إلى رفع معدلات التثقيف الصحّي التنظيمي والشخصي على حد سواء.
- يمكن تعزيز التثقيف الصحّي التنظيمي بفضل تحسين التدريب والعمليات التنظيمية بما يشمل تعزيز جوانب التواصل واتخاذ القرارات المستنيرة وإتاحة المعلومات والخدمات الصحّية المناسبة ثقافياً ولغوياً.
- يشكل التثقيف الصحّي المهني جزءاً أساسياً من قدرة المنظّمة على تلبية احتياجات المرضى من التثقيف الصحّي والتواصل. ويمكن معالجته من خلال توفير التدريب المنتظم لمهنيي الرعاية الصحّية والمتخصّصين في مجال التعليم.
- يمكن تعزيز التثقيف الصحّي الشخصي عن طريق توفير معلومات صحّية وعلمية دقيقة ومناسبة التوقيت وملائمة، وكذلك عن طريق تنفيذ مناهج تعليمية تعزّز الصحّة منذ سن مبكرة في المنازل ورياض الأطفال والمدارس وحتى بلوغ المستوى الجامعي وفي إطار تعليم الكبار.
- يمكن الاسترشاد بجوانب تقييم التثقيف الصحّي بين السكان والمجتمعات المحلّية لوضع سياسات وتصميم تدخّلات تعزّز التثقيف الصحّي بطرق مناسبة وذات صلة رهناً بالاحتياجات.
استجابة المنظّمة
تعمل المنظّمة على تعزيز التثقيف الصحّي وتحسينه من خلال تزويد الدول الأعضاء بالدعم التقني والإرشاد لضمان إدارة جوانب التثقيف الصحّي وتعزيزها بفعالية على المستويين الشخصي والتنظيمي والمستوى الشامل. وتحقيقاً لذلك، تزود المنظّمة الدول الأعضاء بالدعم اللازم لتحسين نظمها المعنية بالإبلاغ لتمكينها من إجراء تقييم دقيق لمحدودية نطاق التثقيف الصحّي، بما يشمل تكييف أدوات القياس العالميّة، كما توفر المنظّمة التدريب اللازم لبناء القدرات في مجال تعزيز التثقيف الصحّي. وتمكّن نظم الإبلاغ من إعداد بيانات عن السكان يمكن الاسترشاد بالبيّنات المتعلّقة بها لاتخاذ قرارات على جميع المستويات، بما فيها على صعيد الأفراد والسكان، وبناء قدرات كل من المهنيين والنُظم. كما تتيح نُظم الإبلاغ المجال أمام جمع البيّنات عن التغييرات وتمكّن من تلبية الاحتياجات والاستجابة للظروف الآخذة في التغير. وتكفل هذه الجهود قوة مبادرات التثقيف الصحّي وشموليتها وتصميمها بطريقة تلبي احتياجات السكان في أنحاء العالم بأسره. ونتيجة لذلك، يستطيع الأفراد والمجتمعات اتخاذ قرارات طابعها المزيد من الاستنارة، وتتمكن المنظّمات من تحسين تلبية احتياجات الأفراد والمجتمعات من الصحّة، ويتسنى تعزيز نظم الرعاية الصحّية، وتُجنى في نهاية المطاف حصائل صحّية معزّزة أفضل بما يحقّق الإنصاف.
المرجعان
- Weiss Health literacy and patient safety: help patients understand. Manual for clinicians: Health literacy and patient safety: Help patients understand (hhvna.com)
- Health literacy in Europe: comparative results of the European health literacy survey (HLS-EU) - PMC (nih.gov)