حماية صحة العمّال

30 تشرين الثاني/نوفمبر 2017

حقائق رئيسية

  • يعمل أكثر من نصف العمّال بالقطاع غير النظامي في كثير من البلدان، حيث تنقصهم الحماية الاجتماعية اللازمة لالتماس الرعاية الصحية ويفتقرون إلى وجود آليات لتنظيم إنفاذ معايير الصحة والسلامة المهنية.
  • كما أن خدمات الصحة المهنية لإسداء المشورة إلى أصحاب الأعمال بشأن تحسين ظروف العمل ورصد صحة العمّال تغطي الشركات الكبرى في القطاع النظامي على الأغلب، بينما لا يتمتع أكثر من 85% من العمّال في المنشآت الصغيرة والقطاع غير النظامي وقطاع الزراعة والمهاجرين على نطاق العالم بأي تغطية صحية مهنية.
  • وتستأثر مخاطر مهنية معيّنة، مثل الإصابات والضوضاء والعوامل المسرطنة والجسيمات العالقة في الهواء ومخاطر هندسة بيئة العمل، بجزء كبير من عبء الأمراض المزمنة: 37% من جميع حالات آلام الظهر، و16% من حالات فقدان السمع، و13% من حالات داء الانسداد الرئوي المزمن، و11% من حالات الربو، و8% من الإصابات، و9% من سرطانات الرئة، و2% من سرطانات الدم، و8% من حالات الاكتئاب.
  • ويموت سنوياً 12.2 مليون شخص، في البلدان النامية على الأغلب ، بأمراض غير سارية وهم ما زالوا في سن العمل النشط.
  • وتؤدي المشاكل الصحية ذات الصلة بالعمل إلى خسارة اقتصادية بنسبة 4-6% من الدخل المحلي الإجمالي لمعظم البلدان. ويتراوح متوسط تكلفة الخدمات الصحية الأساسية من أجل توفير الوقاية من الأمراض المهنية وذات الصلة بالعمل بين 18 و60 دولاراً أمريكياً (تَعادُل القوة الشرائية) للعامل الواحد.
  • ولا يملك نحو 70% من العمّال أي تأمين لتعويضهم في حالة التعرّض لأمراض وإصابات مهنية.
  • وقد أوضحت البحوث أن المبادرات المعنية بتعزيز الصحة في مكان العمل يمكن أن تساعد على تقليل التغيّب عن العمل في إجازات مرضية بنسبة 27% وعلى خفض تكاليف الرعاية الصحية لدى الشركات بنسبة 26%.

ويمكن أن توفر مراكز الرعاية الأولية بعض التدخّلات الأساسية لحماية صحة العمّال، مثل إسداء المشورة لتحسين ظروف العمل والكشف عن الأمراض المهنية والرصد الصحي للعاملين، وإن كان التركيز في معظم البلدان لا يزال منصبّاً على المعالجة الطبية بدلاً من الوقاية.

محدِّدات صحة العمّال

يقضي الأشخاص الناشطون اقتصادياً في المتوسط نحو ثلث وقتهم في مكان العمل. وتؤثر الأوضاع الوظيفية وذات الصلة بالعمل تأثيراً قوياً على الإنصاف في مجال الصحة. فجودة ظروف العمل يمكن أن تعزّز الحماية الاجتماعية والوضع الاجتماعي، وتتيح فرصاً للتنمية الشخصية، وتوفر الحماية من المخاطر البدنية والنفسية الاجتماعية. كما يمكن أن تحسّن العلاقات الاجتماعية واعتداد الموظفين بذاتهم وأن تؤدي إلى تأثيرات صحية إيجابية.   

وصحّة العمال أحد الشروط الأساسية من أجل تحقيق دخل للأسر المعيشية وتعزيز الإنتاجية والتطور الاقتصادي. ومن ثم فإن استعادة القدرة على العمل والحفاظ عليها هي إحدى الوظائف المهمة للخدمات الصحية.

وتتسبَّب المخاطر الصحية في مكان العمل، كالحرارة والضوضاء والغبار والمواد الكيميائية الخطرة وعدم مأمونية الآلات والضغط النفسي، في أمراض مهنية وقد تؤدي إلى تفاقم مشاكل صحية أخرى. كما تؤثر الأوضاع الوظيفية والمهنية والموقع الذي يحتله الشخص في التسلسل الإداري بمكان العمل على الصحة. ومن المرجّح أن يتجه الأشخاص الذين يعملون تحت ضغط أو يعانون من ظروف وظيفية غير مستقرة إلى التدخين بدرجة أكبر وممارسة النشاط البدني بدرجة أقل واتِّباع نظم غذائية غير صحية.

وإضافةً إلى الرعاية الصحية العامة، يحتاج جميع العمّال – وخاصةً أولئك الذين يشتغلون بمهن شديدة المخاطر – إلى خدمات صحية لتقدير المخاطر المهنية والحدّ من التعرّض لها، فضلاً عن ترصّد طبي لكشف الأمراض والإصابات ذات الصلة بالعمل في وقت مبكر.

وتعدّ الأمراض التنفّسية المزمنة والاختلالات العضلية الهيكلية وفقدان السمع بسبب الضوضاء ومشاكل الجلد هي الأمراض المهنية الأكثر شيوعاً. ورغم ذلك فإن ثلث البلدان فقط لديها برامج قائمة للتصدي لهذه القضايا.

وتؤدي الأمراض غير السارية ذات الصلة بالعمل، فضلاً عن أمراض القلب والأوعية الدموية والاكتئاب بسبب الضغوط المهنية، إلى تزايد معدلات الاعتلالات الطويلة الأمد والتغيّب عن العمل. وتشمل الأمراض غير السارية المهنية السرطان المهني والالتهاب الرئوي المزمن والربو الناجم عن تلوث الهواء في مكان العمل والتعرّض للإشعاع.

ورغم هذه الأمراض، فإن الأطباء وأفرقة التمريض في غالبية البلدان ليسوا مدرّبين بدرجة كافية لمعالجة المشاكل الصحية ذات الصلة بالعمل، ولا توفر بلدان كثيرة تعليماً جامعياً في مجال الصحة المهنية.

التغطية الصحية للعمّال

تؤدي المشاكل الصحية ذات الصلة بالعمل إلى خسارة اقتصادية بنسبة 4-6% من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم البلدان. ولا يملك نحو 70% من العمّال أي تأمين لتعويضهم في حالة التعرّض لأمراض وإصابات مهنية.

وتجمع التغطية الصحية الشاملة بين إتاحة الخدمات اللازمة لتحقيق جودة الصحة (تعزيز الصحة والوقاية والعلاج وإعادة التأهيل، بما في ذلك الخدمات التي تتناول المحدّدات الصحية) من جهة، والحماية المالية لاتّقاء اعتلال الصحة الذي يفضي إلى الفقر من جهة أخرى.

وثمة تدخّلات فعالة للوقاية من الأمراض المهنية. ومنها على سبيل المثال تغليف مصادر التلوث، والتهوية، والتحكّم في الضوضاء، وإحلال المواد الكيميائية الخطرة، وتحسين نوعية الأثاث، وتنظيم العمل.

وتتمثل مهمة خدمات الصحة المهنية المتخصصة في تقدير هذه المخاطر ووضع توصيات من أجل توفير الوقاية من الأمراض المهنية وذات الصلة بالعمل. ويحتاج العمال المعرّضون للخطر إلى فحوص طبية منتظمة لكشف أي مشكلة صحية في مرحلة مبكرة، حيث يمكن أن يساعد العلاج وتعديل مكان العمل على تجنّب وقوع أضرار دائمة.

ولا تتوافر خدمات الصحة المهنية المتخصصة في الوقت الراهن إلا لنسبة 15% من العمّال على نطاق العالم، في الشركات الكبيرة التي توفر استحقاقات التأمين الصحي والإصابات الوظيفية في المقام الأول. ومع استمرار أزمة العمالة عالمياً، تتزايد أعداد الأشخاص الساعين إلى العمل في القطاع غير النظامي دون أي تغطية تأمينية وبلا خدمات صحية مهنية. كما يعمل الكثير من هؤلاء العّمال غالباً في ظروف خطرة ويعانون من أمراض وإصابات وإعاقات ذات صلة بالعمل. وفي العديد من المجتمعات المحلية، عندما يصاب عائل الأسرة بالمرض تعاني الأسرة بأكملها نظراً لانعدام وجود أي حماية اجتماعية.  

ويمكن أن تقدم مراكز الرعاية الأولية بعض الخدمات المهنية الأساسية للعمّال في القطاع غير النظامي وفي المنشآت الصغيرة بالمجتمعات المحلية. وتُنظِّم تلك المراكز في أغلب الأحيان زيارات إلى أماكن العمل مع تقديم توصيات بغرض التحسين، إلى جانب إجراء فحوص طبية أولية ودورية وتشخيص الحالات والإبلاغ عن الأمراض المهنية وذات الصلة بالعمل. كما يمكن لمراكز الرعاية الأولية أن توفر التدريب وأن تعمل مع المتطوعين الصحيين والممثلين المعنيين بسلامة أماكن العمل لتنفيذ تدابير بسيطة بغرض الوقاية من الأمراض المهنية، وتقديم نصائح بشأن أساليب تعزيز السلامة في العمل. وتتراوح تكاليف هذه الخدمات بين 18 و60 دولاراً أمريكياً (تَعادُل القوة الشرائية) للعامل الواحد. ويمكن أن تشمل عوائدها ما يلي:     

  • إدخال تحسينات في مكان العمل حتى بعد أول زيارة؛
  • كشف وإدارة المشاكل الصحية ذات الصلة بالعمل في مرحلة مبكرة؛
  • تثقيف وإشراك جماعات العمّال في حماية صحتهم.

وقد أوضحت البحوث أن المبادرات المعنية بتعزيز الصحة في مكان العمل يمكن أن تساعد على تقليل التغيّب عن العمل بنسبة 27% وعلى خفض تكاليف الرعاية الصحية لدى الشركات بنسبة 26%.

استجابة المنظمة

حثّت جمعية الصحة العالمية، في القرار ج ص ع 60-26 المعنون "صحة العمّال: خطة عمل عالمية"، الدول الأعضاء على "العمل على تحقيق التغطية التامة لجميع العمال، لاسيما أولئك الذين يعملون في القطاع غير النظامي وقطاع الزراعة والمنشآت الصغيرة والعمال المهاجرون، بالتدخلات الضرورية وخدمات الصحة المهنية الأساسية من أجل توفير الوقاية الأولية من الأمراض والإصابات المهنية وذات الصلة بالعمل." 

وتتمثّل استراتيجية منظمة الصحة العالمية المقترحة لتحسين التغطية الصحية للعمّال، بمن فيهم من يعملون بالشركات الصغيرة والقطاع غير النظامي، في العمل مع البلدان استرشاداً بالتوجّهات الاستراتيجية التالية:

  • زيادة مهارات مقدّمي الرعاية الأولية – الممارسون العامون وأفرقة التمريض والتقنيون المختصون بالبيئة والصحة العمومية والعاملون الصحيون المجتمعيون – من أجل تقديم خدمات الصحة المهنية الأساسية مثل إسداء المشورة بشأن تحسين ظروف العمل، ورصد الوضع الصحي للعمال، وكشف الأمراض المهنية الأكثر شيوعاً بين العمّال في الشركات الصغيرة والمناطق الريفية والمَزارع والقطاع غير النظامي وفي أوساط المهاجرين.
  • توسيع نطاق التغطية وتحسين جودة خدمات الصحة المهنية المتخصصة في الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم والمناطق الصناعية، مع التركيز على تقدير المخاطر المهنية والحدّ منها؛ وترصّد وتحسين بيئة العمل، وتنظيم العمل والآلات والمعدات؛ وكشف الأمراض المهنية وإعادة تأهيل المصابين بها في مرحلة مبكرة؛ وتعزيز الصحة؛ وتوفير الإسعافات الأولية في أماكن العمل.
  • الربط بين خدمات الصحة المهنية ومراكز الرعاية الأولية لتيسير رعاية العمال الذين يعانون من أمراض مزمنة وإعادتهم إلى العمل بعد التغيّب الطويل الأجل نتيجة المرض.
  • بلورة مبادرات معنية بتعزيز الصحة في مكان العمل وتطوير أدوات وأساليب لتمكين الشركات وسياقات العمل الأخرى من العناية بالصحة بشكل أفضل، دون الاعتماد بلا مبرّر على خدمات الصحة المهنية.
  • إدراج الصحة المهنية في أنشطة التدريب المنفّذة قبل وأثناء الالتحاق بالخدمة لجميع مقدّمي الخدمات في الخطوط الأمامية، وبعض الأطباء المعيّنين المختصين بمعالجة السرطان والأمراض الجلدية والتنفسية والعصبية والاختلالات العضلية الهيكلية. 
  • وضع خارطات طريق لتعزيز قدرة العمّال على الوصول إلى التدخّلات والخدمات الأساسية، حسبما تُحَدَّد وطنياً، بغرض توفير الوقاية من الأمراض المهنية وذات الصلة بالعمل ومكافحتها. ويشمل ذلك رصد التغطية وتحديد غايات واقعية بما يتماشى مع الموارد البشرية والمالية المتاحة لقطاع الصحة ومع التقاليد المحلية.