المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يمنح جائزة للراحلة هنرييتا لاكس بعد وفاتها

إكراما لذكرى حياتها ومآثرها ومساهمتها في العلوم الطبية

13 تشرين الأول/أكتوبر 2021
بيان صحفي
جنيف

كرّم الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس الراحلة هنرييتا لاكس بجائزة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تقديرا لما تركته هذه المرأة الأمريكية السوداء من إرث غيّر ملامح العالم منذ أن توفيت بسرطان عنق الرحم، قبل 70 عاما، في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1951.   

وبينما كانت السيدة هنرييتا لاكس تتلقى العلاج، أخذ باحثون خزعات من جسدها خلسةً ودون موافقتها. وكانت الخلايا التي أُخذت منها أول سلالة خلوية "خالدة" سمحت باكتشافات علمية لا حصر لها، مثل لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، ولقاح شلل الأطفال، وأدوية مضادة لفيروس نقص المناعة البشرية وأنواع من السرطان، واستعين بها مؤخرا في أبحاث ضرورية بشأن كوفيد-19. 

ومن المثير للصدمة أن الأوساط العلمية العالمية أخفت الانتماء العرقي لهنرييتا لاكس وقصتها الحقيقية، وكان ذلك خطأ تاريخيا يراد تصحيحه بتكريمها اليوم.

وقال الدكتور تيدروس "إن منظمة الصحة العالمية، بتكريمها لهنرييتا لاكس، تعترف بأهمية جبر المظالم العلمية السابقة، وتعزيز الإنصاف العرقي في الصحة والعلوم". وأضاف قائلا "وهي أيضا فرصة للاعتراف بالمرأة- ولا سيما المرأة الملونة - التي قدمت مساهمات مذهلة في العلوم الطبية لكنها لا تذكر في كثير من الأحيان".

وقد تسلّم الجائزة في مكتب منظمة الصحة العالمية في جنيف لورانس لاكس، ابن السيدة لاكس البالغ من العمر 87 عاما. وهو واحد من آخر الأقارب الأحياء الذين عرفوها شخصيا. ورافق السيد لاكس عدد من حفدة هنرييتا لاكس، وأبناء الحفدة، وأفراد آخرون من الأسرة.

وقال لورانس لاكس، الابن البكر لهنرييتا لاكس " لقد تأثرنا بهذا التكريم التاريخي لوالدتي، هنرييتا لاكس – عرفانا بمسيرة حياة امرأة فذة وبالأثر الدائم لخلايا HeLa التي أخذت منها. وها هي مساهمات والدتي، التي أخفيت فيما مضى، تكرّم الآن وهي أهل للتكريم لما تركته من تأثير عالمي". وأردف قائلا" كانت والدتي رائدة في حياتها، حيث كانت امرأة معطاءً تخدم مجتمعها، وتساعد الآخرين على العيش حياة أفضل وتعتني بهم. وحتى بعد مماتها، لم تنقطع مساعدتها للعالم. وإرثها حي بيننا، ونحن نشكركم على ذكر اسمها - هنرييتا لاكس".

قصة ترمز إلى الإجحاف والظلم والتفاوت في مجال الصحة ولا تزال تحمل دلالات في عصرنا 

لا تزال النساء الملونات يتأثرن اليوم أكثر من غيرهن بسرطان عنق الرحم، وقد كشفت جائحة كوفيد-19 عن العديد من العيوب حيث لا تزال أوجه عدم المساواة في مجال الصحة قائمة في أوساط المجتمعات المهمشة في العالم. وما فتئت الدراسات المجراة في مختلف البلدان تشير إلى أن معدل وفاة النساء السود بسرطان عنق الرحم يتجاوز بأضعاف معدلها عند النساء البيض، في حين أن 19 من البلدان العشرين التي تتحمل أكبر أعباء سرطان عنق الرحم تقع في أفريقيا. 

وركزت مناقشات أسرة الراحلة مع المنظمة بوجه خاص على الحملة الطموحة التي تقودها المنظمة للقضاء على سرطان عنق الرحم. وقد تزامن العام الماضي، الذي احتفي خلاله بالذكرى المئوية لميلاد هنرييتا لاكس، مع سنة تدشين الاستراتيجية العالمية للمنظمة بشأن تسريع وتيرة القضاء على سرطان عنق الرحم. وهذه الحملة التاريخية هي أول حملة من نوعها تبدي فيها جميع الدول الأعضاء في المنظمة عزمها الجماعي على القضاء على السرطان.

وتنضم أسرة الراحلة أيضا إلى المنظمة في الدعوة إلى الإنصاف في إتاحة لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، الذي يحمي من مجموعة من أنواع السرطان، ومنها سرطان عنق الرحم. ورغم أن المنظمة أقرت صلاحية هذا اللقاح مسبقا منذ أكثر من 12 عاما، فإن القيود المفروضة على توريده وارتفاع أسعاره لا يزالان يحولان دون وصول جرعات كافية منه إلى الفتيات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وحتى عام 2020، لم يحصل  على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري من خلال برامج التمنيع الوطنية سوى أقل من 25% من البلدان المنخفضة الدخل وأقل من 30% من البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، مقارنة بأكثر من 85% من البلدان المرتفعة الدخل.

وقالت الدكتورة برنسيس نوثيمبا (نونو) سيميلا، المديرة العامة المساعدة للأولويات الاستراتيجية والمستشارة الخاصة للمدير العام " من غير المقبول أن يكون الحصول على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري المنقذ للأرواح مرهونا بانتمائك العرقي أو الاثني اثني أو مكان ولادتك". وأضافت قائلة "لقد طُور لقاح فيروس الورم الحليمي البشري باستخدام خلايا هنرييتا لاكس. وعلى الرغم من أن الخلايا أخذت دون موافقتها ودون علمها، فقد تركت إرثا يمكن أن ينقذ ملايين الأرواح. ونحن لها ولأسرتها بإتاحة هذا اللقاح الرائد على نحو منصف".

المساهمة الفذة التي قدمتها هنرييتا لاكس للطب 

كانت الأم الشابة هنرييتا لاكس وزوجها يربيان خمسة أطفال، قرب بالتيمور ، عندما ألم بها المرض. وذهبت إلى جونز هوبكنز بعد أن عانت من نزيف مهبلي كبير وشُخصت إصابتها بسرطان عنق الرحم. وعلى الرغم من العلاج، فقد توفيت وهي بعدُ شابة في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1951، إذ لم يتجاوز عمرها الحادية والثلاثين. 

وأثناء العلاج، أخذ باحثون عينات من ورمها. وقد أصبحت تلك السلالة الخلوية "HeLa" إنجازا علميا: أول سلالة خلوية خالدة من خلايا بشرية تقسّم إلى أجل غير مسمى في مختبر. وأنتجت الخلايا على نطاق واسع، من أجل الربح، دون اعتبار لأسرتها. ووزع أكثر من 50,000,000 طن متري من خلايا "HeLa" في جميع أنحاء العالم، وهي مواضيع أكثر من 75,000 دراسة. 

وبالإضافة إلى لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، سمحت خلايا "HeLa" بتطوير لقاح شلل الأطفال؛ وأدوية لفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، والناعور، وسرطان الدم، ومرض باركنسون؛ وتحقيق اكتشافات غير مسبوقة في مجال الصحة الإنجابية، بما في ذلك الإخصاب في المختبر؛ وأبحاث بشأن الإصابات الصبغية  والسرطان ورسم الخرائط الجينية وطب الدقة؛ وتستخدم في الدراسات التي تجرى للاستجابة لجائحة كوفيد-19. 

وبعد تقديم الجائزة، ستتوجه أسرة الراحلة والمنظمة إلى شواطئ بحيرة جنيف لمشاهدة إضاءة نافورة الماء الشهيرة في المدينة بلون أزرق مائل إلى الخضرة - لون التوعية بسرطان عنق الرحم - تكريما لإرث هنرييتا لاكس وتقديرا لدعم أسرة الراحلة للحملة العالمية للقضاء على المرض. وستكون النافورة أول معلم من بين العديد من المعالم الأثرية العالمية التي ستضاء بلون أزرق مائل إلى الخضرة من الآن وحتى 17 تشرين الثاني/نوفمبر، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإطلاق حملة القضاء العالمية. 

اقتباسات من مشاركين آخرين

قالت فيكتوريا بابتيست، حفيدة حفيد هنرييتا لاكس: "بفضل مبادرة HELA100: مبادرة هنرييتا لاكس، تقف أسرتي متضامنة مع المنظمة وأخواتنا في جميع أنحاء العالم لضمان عدم وفاة أي زوجة أو أم أو أخت أخرى دون داع بسبب سرطان عنق الرحم. وأضافت قائلة "بصفتي ممرضة مسجلة، أشعر بالاعتزاز بحضوري هنا اليوم لتكريم إرث جدتي من خلال الدعوة إلى ضمان الإتاحة المنصفة للإنجازات العلمية التي ساهمت فيها خلايا "HeLa" مثل لقاح فيروس الورم الحليمي البشري. وكم يليق بنا أن نستفيد من إرثها من خلال ضمان الإتاحة المنصفة لأوجه التقدم في الوقاية من السرطان وعلاجه لجميع الأفراد في الوقت المناسب إذ نحتفل بالذكرى السبعين لخلايا "HeLa" لهنرييتا لاكس ووفاتها المبكرة".

وقالت الدكتورة سينايت فصيحة، الرئيسة المشاركة لفريق الخبراء الاستشاري المعني بالقضاء على سرطان عنق الرحم التابع للمدير العام: "على الرغم من أن هنرييتا لاكس عاشت حياة قصيرة، فإن مساهماتها في الطب أدت إلى اكتشافات علمية ملحوظة أنقذت أرواحا لا حصر لها وقربتنا من القضاء على سرطان عنق الرحم. وأضافت قائلة "قصتها هي أيضا مثال واضح على الإهمال الذي لقيته النساء السود منذ أمد طويل في مجال الرعاية الصحية ولا يزلن يلقينه حتى اليوم. وإنني أشيد بالمنظمة لتكريمها، وهذه خطوة حيوية في الاعتراف بالتأثير المذهل الذي تركته لفائدة العلوم وتسخير إرثها لتحقيق العدالة الصحية للأشخاص في جميع أنحاء العالم".

وقال الدكتور غروسبيك بارهام، الذي شارك في حركة الحقوق المدنية لما كان مراهقا في برمنغهام بولاية ألاباما، والذي يعمل الآن خبيرا سريريا لدى مبادرة المنظمة بشأن القضاء على سرطان عنق الرحم والرئيس المشارك لفريق الخبراء الاستشاري التابع للمدير العام " الكفاح من أجل القضاء على سرطان عنق الرحم هو جزء من الكفاح الأكبر من أجل حقوق الإنسان. "لا تزال السيدة هنرييتا لاكس تكلمنا من خلال خلاياها الخالدة، وتلفت انتباهنا أيضا إلى ملايين الشابات والأمهات في البلدان المنخفضة الدخل اللواتي لا  يزلن يمتن بسبب سرطان عنق الرحم لأنهن لا يستطعن الحصول على الأدوية والتكنولوجيات والإجراءات الطبية المنقذة للحياة والمتاحة بسهولة في البلدان المرتفعة الدخل. والأسئلة التي تثيرها روح السيدة هنرييتا لاكس وإرثها هي: "لماذا يوجد هذا الوضع؟"، و"ما هي الحلول؟"، و"متى ستنفذونها؟".

للاتصال الإعلامي

Laura Keenan


في منظمة الصحة العالمية

الهاتف: +41 79 500 65 64

مختارات

صحيفة وقائع